لا النافية للجنس-باختصار

لا النافية للجنس

لا النافية للجنس واحدة من أخوات "إن" فهي تدخل على الجملة الاسمية تنصب المبتدأ ويُسمّى اسمها وترفع الخبر ويُسّمى خبرها، وهي النافية للمجموع وقد عرفها النحاة بأنها: "لا التي قُصد بها التنصيص على استغراق النفي كله".

ومعنى نفيها للجنس أنها تنفي الخبر عن جنس اسمها؛ أي: عن جميع الأفراد التي تندرج تحت مدلوله؛ لذلك عرّفها النحويون الكوفيون باسم "لا التبرئة"، مثل: لا كتابَ يخلو من فائدة.

فلا النافية للجنس هي الدالة على نفي الخبر عن الجنس الواقع بعدها على سبيل الاستغراق بمعنى نفيه عن الجنس نصًا وكليًا لا على سبيل الاحتمال.

***

عمل لا النافية للجنس:

تعمل لا النافية للجنس عمل "إنّ" وهي بذلك من النواسخ للمبتدأ والخبر، فتدخل على الجملة الاسمية ويكون الاسم بعدها مبنيًا على الفتح أو منصوبًا ويُعرب اسم لا النافية للجنس، وترفع الخبر في الجملة الاسمية الداخلة عليها ويُسمى خبر لا النافية للجنس.

وتعمل لا النافية للجنس عمل إنّ سواء كانت مكررة أو غير مكررة في الجملة.

مثال: (لا تلميذَ غائبٌ) إعرابه: لا: نافية للجنس. تلميذَ: اسم لا النافية للجنس منصوب وعلامة النصب الفتحة الظاهرة. غائبٌ: خبر لا النافية للجنس مرفوع وعلامة الرفع الضمة الظاهرة.

أمثلة على لا النافية للجنس: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، لا ضررَ ولا ضرارَ، لا رجلَ ولا امرأة في البيت.

أمثلة على لا النافية للجنس: لا كذابَ محبوبٌ، لا متقن عملٍ يضيعُ أجره، لا قولَ أفضل من ذكر الله، "لا جدالَ في الحجّ" لا منافقَ مرغوبٌ، لا مؤمنَ ظالم. لا ضدّين مجتمعان، لا مجتهدَ فاشلٌ.

قوله تعالى: "ذلك الكتابَ لا ريب فيه هدىً للمتقين". وقوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبيّن الرُّشد من الغي"

وقول الشاعر:

لا عيب لي غير أنّي من ديارهم *** وزامر الحي لا تشجي مزامره

***

شروط عمل لا النافية للجنس:

كي تعمل لا النافية للجنس عمل إنّ فتدخل على الجملة الاسمية من المبتدأ والخبر فتنصب اسمها وترفع خبرها، يجب أن تتوفر بعض الشروط:

1- أن يكون اسمها نكرة.

مثل: لا مسلم َ شامتٌ. لا ضررَ أسوأُ من الجهل. لا حليةَ أقيمُ من الأخلاق الحميدة.

أما إذا كان اسمها معرفة أُلغي عملها، مثل قول الشاعر إسماعيل صبري:

لا القومُ قومي، ولا الأعوانُ أعواني *** إذا ونى يوم تحصيل العُلا وان

كما يُشترط تكرارها في الجملة إذا كان اسمها معرّف كما في البيت الشعري.

دخلت لا النافية للجنس على معرفة وقد فسر النحاة فيها المعرفة بالنكرة؛ فاسم العلم قد يكون مشتهرًا بصفة معينة، مثل (حاتم) المشتهر بالجود، و(عنترة) المشتهر بالشجاعة فيُقال: لا حاتمَ اليوم ولا عنترة.

ففي هذه الجملة حاتم وعنترة اسم جنس لكل من اتصف بالمعنى الذي اشتهر به ذلك العلم، فمعنى الجملة هو أنّ المتحدث ينفي وجود من يتصف بالكرم مثل حاتم أو بالشجاعة مثل عنترة.

كما قال سيدنا عمر بن الخطاب عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- "قضيةٌ ولا أبا حسنٌ لها".

والمعنى أن هذه قضية لا يحكم ويفصل بها أحد مثله والمشتهر بقدرته على حل المعضلات، فعومل العلم هنا معاملة النكرة، فالمعرفة لا توصف بالنكرة إنما النكرة توصف بالنكرة.

2- ألا يفصل بينها وبين اسمها فاصل.

إذا فصل بين لا النافية للجنس واسمها فاصل ألغي عملها. مثل: لا في المكتبة فهارسُ ولا مخطوطاتٌ.

قوله تعالى: {يُطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذةً للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} [الصافات: 45]. لا في الدار رجل ولا امرأة.

لا النافية للجنس في الأمثلة السابقة ألغي عملها لأنها ليست متصلة باسمها وقد فصل بينهما فاصل وهو الجار والمجرور.

3- ألا تكون لا مقترنة بحرف جر:

دخول حرف جر على لا النافية للجنس.

إذا دخل حرف جر على لا جرّ ما بعدها، وكانت (لا) زائدة لمجرّد النفي.

مثل: يضلُ من يسيرُ بلا وعيٍ.

فقد ألغي عمل لا في هذه الجملة لدخول حرف الجر عليه وأصبح زائد غير عامل وأصبح الاسم الواقع بعد (لا) مجرور بحرف الجر الذي سبق (لا).

***

دخول همزة الاستفهام على لا النافية للجنس:

تدخل همزة الاستفهام على لا النافية للجنس فلا تؤثر على عملها حسب الأحكام التي تحدثنا عنها فيما سبق، أما الذي يتغير في الجملة بدخول همزة الاستفهام عليها هو تغيرها من أسلوب خبير إلى أسلوب إنشائي، معاني دخول الهمزة على لا النافية للجنس، هي:

الاستفهام عن النفي، مثل: ألا طالبَ حاضرٌ؟

التوبيخ، مثل: ألا اتعاظ وقد شبت؟

التمني، مثل: ألا مالًا فأساعد المحتاج!

***

أحوال اسم لا النافية للجنس:

يأتي اسم لا النافية للجنس مضافًا أو شبيهًا بالمضاف أو مفردًا

إذا كان اسم لا النافية للجنس مضافًا يكون اسمًا معربًا منصوبًا، مثل:

لا مُتقنَ عملٍ يضيعُ أجرُه. لا مُتْقنَيْ عملٍ يَضيعُ أجرُهما. لا مُتْقِنِي عملٍ يضيعُ أجرُهم. لا مُتْقِنات عملٍ يضيعُ أجرُهن.

وإن كان شبيهًا بالمضاف كان كذلك معربًا منصوبًا، مثل: لا متقنًا عملًا يضيع أجره. لا متقِنيْنِ عملًا يضيع أجرُهما. لا متْقِنينَ عملًا يضيع أجرُهم. لا متقناتٍ عملًا يضيع أجرُهن.

وإنْ كان مفردًا بُني على ما يُنصب به، مثل: لا منافقَ محبوبٌ. لا منافقَيْن محبوبان. لا منافقين محبوبون. لا منافقات محبوبات.

(منافقَ) في المثال الأول تُعرب اسم لا النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب؛ لأنه ينصب بالفتحة.

(منافقَيْن) في المثال الثاني تُعرب اسم لا النافية للجنس مبني على الياء في محل نصب لأنه مثنى.

(منافقين) في المثال الثالث تُعرب اسم لا النافية للجنس مبني على الياء في محل نصب لأنه جمع مذكر سالم.

(منافقات) في المثال الرابع يُعرب اسم لا النافية للجنس مبني على الكسر في محل نصب لأنه جمع مؤنث سالم.

***

أنواع خبر لا النافية للجنس:

خبر مفرد نكرة، مثل: لا فقر أشد من الجهل.

خبر لا النافية للجنس في هذه الجملة هو (أشد) ونوعه مفرد، وعلامة رفعه الضمة.

خبر نوعه جملة اسمية، مثل: لا مضيعًا وقته مستقبله ناجح.

الجملة الاسمية (مستقبله ناجح) من المبتدأ (مستقبله) والخبر (ناجح) في محل رفع خبر لا النافية للجنس.

خبر جملة فعلية، مثل: لا عاقًا والديه يحبه الله.

الجملة الفعلية (يحبه الله) من الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع خبر لا النافية للجنس.

***

حذف خبر لا النافية للجنس:

يجوز حذف خبر لا النافية للجنس إذا فُهم من سياق الكلام، مثل: العلمُ ولا شكَّ أساسُ نهضةِ الأممِ. أي: ولا شكَّ في ذلك.

***

الفرق بين "لا النافية للجنس" و"لا النافية للواحدة":

تعمل لا النافية للجنس عمل "إن" ونفيها يفيد التنصيص، أي: إنّ النفي يرفع احتمال نفي الواحد احترازًا عن لا العاملة عمل "ليس" التي يكون فيها الاسم مرفوعًا، فهي تحتمل نفي الجنس ونفي الواحد، ومثال على ذلك: لا تلميذٌ حاضرًا.

في هذه الجملة تكون فيها "لا" نافية عاملة عمل ليس، واسمها (تلميذ) مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وخبر (حاضرًا) منصوب وعلامة نصبه الفتحة، ومعنى الجملة يحتمل نفي حضور تلميذ واحد أو نفي حضور جميع التلاميذ، والمعنى يتحدد حسب قصد المتكلم.

أمّا في "لا النافية للجنس" نقول: لا تلميذَ حاضرٌ.

فالنفي في هذه الجملة ينص ويقطع الاحتمال عن الواحد ليقرر شمول جميع الأفراد لنفي الحضور.

مثال آخر: لا كتابٌ في الحقيبة.

فـ (لا) نافية عاملة عمل ليس؛ لأن ما بعدها مرفوع (كتابٌ)

فيمكن أن يكون النفي بعدم وجود أي كتاب على الإطلاق في الحقيبة، ويمكن أن ننفي كتابًا واحدًا فقط كأن نقول: لا كتابٌ في الحقيبة بل كتابان. أو: لا كتابٌ في الحقيبة بل كتب كثيرة.

فالنفي بـ (لا) العاملة عمل ليس يحتمل نفي الواحد ويحتمل نفي الجنس بينما النفي بـ (لا) التي تفيد التنصيص (لا النافية للجنس) فالنفي يفيد العموم فالاسم يكون مبنيا على ما يُنصب به نحو: (لا كتابَ في الحقيبة) فلا يصح أن يقال: (لا كتاب في الحقيبة بل كتابان) ولا يصح كذلك القول: (لا كتاب في الحقيبة بل كتب كثيرة) لأن (لا) النافية للجنس لا تنفي الواحد بل تنفي عموم جنس الأفراد على نحو القطع والتنصيص.

***

تطوع معنا فى تحسين مقالاتنا


email



إرسال تعليق

أحدث أقدم